مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
عمرها و قبل أن تغادر البلاد مع أبيها.
قامت السيدة تيسير بلكز ابنتها لكي تفعل أمرا ما فأسرعت إلى أدهم حين كانت ندى تقوم بتلقى التهاني و استغلت روان ذلك و تحدثت إليه في أذنه بهمس قائلة
أدهم ماما بتقولك يا ريت تفرد وشك دا شوية... المفروض الناس عارفة انك بتحبها من زمان و كنت مستنيها ترجع... بزمتك دا منظر عريس ليلة فرحه!
حاضر يا روان... حلو كدا.
قالها و هو يرسم تلك البسمة الصفراء على شفتيه فلوت شفتيها متحدثة بحنق
لا طبعا مش حلو... و الله أنا مستغرباك يا أدهم... بقى البسكوتاية دي متتحبش!.. طاب و الله أحلى من دارين مېت مرة.. و روحها و ډمها و كلها على بعضها كدا تعدي دارين بمراحل.
روااان.. الزمي حدودك و متجبيش سيرة دارين على لسانك.
هزت رأسها بيأس و هي تقول بهمس
ربنا يهديك يا أدهم..
ثم تركته بنيران الڠضب و السخط تشتعل بسريرته و عادت إلى حيث تجلس والدتها بملامح متجهمة.
وشك ميبشرش بالخير.
قالتها السيدة تيسير بقلق لترد روان بضيق
ايه اللي حصل بس قوليلي.
مش وقته يا ماما... الناس بتبص علينا.
كانت العروس خجلى و العريس ساكن قلما يتحرك و يتحدث مع عروسه الأمر الذي أصاب أسرته بالڠضب البالغ و لكنه لم يبالي لهم فيكفيه تظاهرا بالراحة و السعادة إلى هذا الحد.
العروسة أمورة أوي ما شاء الله..
كانت تلك كلمات خطيبة آسر و التي كانت تقف بجواره و بينه و بين شقيقتها مودة.
رمقها ببسمة هائمة مرددا
عقبالنا يا قلبي.
ابتسمت له بخجل ثم أدارت نظرها لشقيقتها ترمقها بإشفاق بالغ ثم قالت لها بحذر
لوت شفتيها لجانب فمها بتهكم مرير ثم قالت بأسى
اللي زيي ميتقلهاش الكلمة دي يا ميري...انتي كدا بتحكمي عليا بالمۏت المؤكد.
ربتت على كتفيها بحنو و هي تردد بلهفة
بعد الشړ عليكي يا حبيبتي متقوليش كدا...
ربتت على كفها المستقر على كتفها و هي تقول بنبرة راضية
متقلقيش يا حبيبتي أنا مش زعلانة...أنا راضية بنصيبي من الدنيا الحمد لله.
قام محمود بالتحدث إلى رجل الدي چي لكي ينهي ذلك الحفل السخيف كما يرى بسبب صديقه القفل فقام بدوره بتشغيل أغنية هادئة لإليسا.. عادة يتم تشغيلها في حفلات الزفاف و هي أغنية ع بالي حبيبي
تقدم محمود بابتسامة ماكرة إلى حيث يجلس العروسين و قام بجذب أدهم من مقعده إلى منتصف الباخرة و أشار لندى لتأتي إليه و قد فعلت و قال لأدهم بمكر
يلا يا عريس... ارقص مع عروستك رقصة سلو عشان تختم حفلتك.
اصتك فكيه پغضب و هو يرمقه بغيظ و لكنه سيطر على انفعالاته سريعا و استدار لندى التي كانت في قمة توترها... فهي أصبحت تخشى لمساته كثيرا.. و التي تفضحها و تفضح خجلها و عشقها له.
قام أدهم بلف ذراعيه حول خصرها و لكن بتحفظ محافظا على مسافة كافية بينهما و كأنه يخشى الاقتراب منها بينما هي حمدت الله أنه لم يقترب أكثر من ذلك و إلا حتما كان سيسمع دقات قلبها للمرة الثانية.
اغتاظت السيدة تيسير منه حين بدأ يتمايل معها على أنغام الأغنية المؤثرة و هو مازال بعيدا عنها على هذه الشاكلة حتى أنها همهمت بضيق
دول مش منظر عرسان أبدا... الله يسامحك يا أدهم... بقى هو دا اللي فضلت أدرسهولك من امبارح لحد النهاردة!!.
و ما هي لحظات حتى أشارت لندى لكي تقترب هي منه أكثر و قد فهمتها و بالفعل اقتربت منه خطوة و قربت كفيها من رقبته حتى كادت أن تلفهما حوله.
تفاجئ أدهم من تلك الحركة فقام بدوره بإحاطة خصرها بذراعيه أكثر من ذي قبل حتى اختلطت أنفاسهما.
لم تستطع منع نفسها من النظر إليه و هو قريب منها لهذه الدرجة و تجرأت و دارت بعينيها في ملامحه الوسيمة و هو أيضا شعر بمحاصرته لها بعينيه فبادلها النظرات عينيها جذبته إليها رغم أنها تبدو عادية اللون و لكنها عن قرب تبدو ساحرة بلون القهوة محاطة بدائرة ذهبية اللون و تلك النقطة الصغيرة التي تتوسط العدسة و التي يطلق عليها انسان العين أيضا ذهبية اللون...لقد جذبت انتباهه تلك اللوحة الفنية حتى أنسته سخطه الذي كان يغمره منذ قليل.
ندى.... أنا آسف إني كنت فظ شوية معاكي.. بس للأسف دي طبيعتي.. مبعرفش أذوق الكلام.
قالها بصوت هامس رقيق جعلها تتأمله بوله أكثر حتى أنها لم تفهم ما قال... يكفيها فقط طريقة نطقه لإسمها.
لم ترد عليه فهي لم تفهم ما قال من الأساس فاعتقد أنها مازالت غاضبة منه.
يبقى انتي أكيد لسة زعلانة مني.
أخيرا فهمت قصده فأسرعت لتقول
لا لا لا طبعا مش زعلانة ولا حاجة... عادي احنا لسة بنستكشف بعض و مسيرنا هنفهم بعض كويس.
أماء ببسمة صافية جعلته أكثر وسامة الأمر الذي جعلها تتنهد بسعادة بالغة و كأنها تحلق فوق السحاب.
شردت ندى في كلمات الأغنية التي تصدح في الأجواء فقد لمست قلبها كثيرا و تتمنى لو كان يبادلها نفس المشاعر تستمع إليها و هي تنظر إليه بعشق بالغ و كأنها تغنيها له بينما هو أحب نظراتها له أحب الرقص معها و استمتع به رغم استيائه في بادئ الأمر حين فاجئه محمود بها.
انتهت الأغنية و صفق الجميع بحرارة فابتعدت عنه بشق الأنفس ثم شكر الجميع و قبض على كفها بتملك و سارا سويا إلى حيث سيارته.
تلك المرة تعلم الدرس و قام بمساعدتها حتى استكانت بالمقعد ثم استلقى بمقعد السائق و أدار السيارة إلى حيث بيته الراقي الكائن بأرقي مناطق التجمع الخامس.
بسم لله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية
رواية مهمة زواج
في تلك الأثناء تماما تحديدا في الولايات المتحدة بمدينة نيويورك.
يجلس رجل خمسيني في شرفة شقته ينظر إلى السماء و العبرات تتساقط من عينيه و هو يحدث نفسه بحزن بالغ و كأنه ينعي فقيد
كان نفسي أسلمك بإيدي لعريسك يا ندى... كان نفسي أشوف فرحتك بفستانك و انتي جنب عريسك.. كان نفسي أشوف لمعة عنيكي اللي بشوفها لما كنت بجيب سيرته او أكلمك عنه... سامحيني يا بنتي إني كنت السبب في إن ليلة فرحك تكون بالشكل دا و بالطريقة دي و أنا مش معاكي...
بس عزائي الوحيد إن سيبتك بين ايدين راجل هيعرف يحافظ عليكي و يحميكي من أعدائه و أعدائي... الراجل اللي انتي طول عمرك كنتي بتحبيه و بتتمنيه.
أخذ يكفكف عبراته الساخنة بيديه ثم أراح ظهره للخلف يتذكر ما حدث منذ ستة أيام تقريبا....
فلاش باك.....
ألو... سامي.. الحقني يا سامي أنا في مصېبة..
تحدث بهلع مع صديقه و زميله في العمل عبر الهاتف فأتاه رد الآخر من بلده الحبيبة مصر
في ايه يا أنور قلقتني.
الماڤيا رجعو ينخوروا ورايا تاني و شاكين إني ورا الصفقة الأخيرة بتاعتهم اللي باظت بس مش متأكدين... و بيبعتولي رسايل ټهديد بالاغتيال يا سامي.. انت متخيل!.. هعيش أنا و بنتي نفس المأساة تاني... مش كفاية سمية راحت مني... هستنى كمان لما ندى تروح ولا لما ېقتلوني أنا و أسيبها هي تواجه العصابة دي لواحدها!
هوى قلب اللواء سامي في قدميه ثم قال بقلق
اهدى.. اهدى يا أنور... مفيش قدامنا غير إنك تجيب ندى و ترجع على مصر.. احنا هنقدر نحميك.
يبقى انت كدا بتحكم علينا بالمۏت... انت عارف كويس اوي إنهم مراقبيني و عايزيني أفضل تحت عنيهم عشان يضمنو إني مش هأذيهم بالمعلومات اللي عندي... و اللحظة اللي هيعرفوا فيها إني هرجع هيكونو مۏتوني قبلها.
أخذ سامي يتنفس پعنف فهو يشعر الآن بالعحز التام و أخذ يردد بهلع
انت عندك حل تاني يا أنور!
سكت أنور يزدرد لعابه بصعوبة إلى أن قال
أنا مش خاېف على نفسي.. أنا كل خۏفي على ندى.. ندى مش قد العصابة دي... لو مۏتوني مش مهم.. إنما ندى... لأ.. ندى لازم أحميها منهم لو على حساب نفسي.
رد سامي بقلة حيلة
ابعتلنا ندى يا أنور... احنا هنعرف نحميها كويس.
أبعتهالك بصفتك ايه يا سامي!.. و هتعيش معاك ازاي و انت اصلا كل ولادك متجوزين و عايش لواحدك في البيت.
عيب عليك يا أنور... ندى دي بنتي.
لا بنتي مش هتقبل بالوضع دا أنا متأكد... أمها الله يرحمها مربيها على مبادئ و أخلاق الدين و محفظاها كتاب الله قبل ما تستشهد.
طاب قولي انت نعمل ايه... اللي تقول عليه هعمله يا أنور... دا أقل حاجة نقدر نقدمهالك بعد كل اللي ضحيت بيه في سبيل البلد.
اسمعني كويس... من آخر رسالة وصلتني منهم و أنا مبطلتش تفكير في مصير ندى... و ملاقيتش غير حل واحد هو اللي هينقذ بنتي من بين ايديهم.
أنا معاك و هنفذ اللي تقول عليه بدون نقاش.
مفيش قدامي غير إني أجوزها لأدهم برهام.
أدهم!... اشمعنى أدهم!
لأن أدهم له تار بايت معاهم.. مانت عارف انهم هما اللي اغتالو العميد برهام بيه الكيلاني الله يرحمه.. و أدهم مش سايبهم و بينخور وراهم... و هما مرعوبين منه و بيحاولو يبعدو صفقاتهم عن مصر بأي طريقة عشان ميقعوش تحت رحمته... و ندى لو اتكتبت على اسمه استحالة يفكرو يأذوها... لأن لو دا حصل... التار هيكون تارين و أدهم مش هيعديهالهم و هما عارفين كدا.... أدهم الراجل الوحيد اللي هأتمنو على ندى.
اقتنع اللواء سامي بحديث زميله و صديقه أنور و أجابه بلا تردد
علم و ينفذ يا سيادة اللوا.
ابتسم أنور بارتياح ثم قال بجدية
أنا هسيبلك انت المهمة دي يا سيادة اللوا.. بس يا ريت في أسرع وقت... مفيش قدامي وقت كتير... احنا في خطړ لا تتخيله.
متقلقش يا أنور...خلال أقل من أسبوع ان شاء الله ندى هتكون موجوده في مصر و هي حرم الرائد أدهم برهام الكيلاني.
مازلنا في أحداث ما قبل ستة أيام من الوقت الحالي..........
أغلق اللواء سامي الهاتف مع صديقه ثم جلس مليا يفكر كيف سيفاتح أدهم في ذلك الأمر خاصة و أنه لم يكد يمر شهرا واحدا على خطبته من أخرى.
و لكن ليس أمامه سوى أن يوافق أدهم على الزواج بندى و لو اضطر إلى إجباره على هذه الزيجة.
رفع سماعة هاتف مكتبه متحدثا بلهجة رسمية
ابعتلي أدهم بيه يابني.
و ما هي إلا دقائق حتى كان أدهم جالسا قبالته ببدلته البيضاء الرسمية بعدما قام بأداء التحية العسكرية.
بدا التوتر على ملامح اللواء سامي و راح يبحث عن الكلمات المناسبة ليبدأ بها حديثه فاستشف أدهم بفطنته أن الخطب جلل فتنحنح قائلا بترقب
مهمة جديدة دي ولا إيه يا سامي باشا!
نظر له بتمعن ثم قال بجدية
اعتبرها مهمة جديدة.
ضيق عينيه بعدم فهم متسائلا
قصد حضرتك ايه يافندم!
أخذ نفسا عميقا ثم قال بنبرة حادة و كأن الحديث غير قابل للنقاش
سيادة اللوا أنور باشا عبد الحميد حياته هو و بنته في خطړ في أمريكا...
غامت عيني أدهم پغضب جامح فقد ذكره ذلك الأمر بحاډث اغتيال والده على يد تلك العصابة الغاشمة و بدأت عروق رقبته في البروز من فرط الڠضب و هذا ما أراده تماما اللواء سامي.
استرسل اللواء حديثه بمزيد من الضغط العصبي
الراجل اتصل بيا و بيستنجد بينا عشان ننقذ بنته بأقصى سرعة.
رد أدهم باقتضاب
و المطلوب!
نظر له اللواء نظرة مطولة ثم قال
انت عارف إن دي نفس العصابة اللي اغتالت والدك برهام باشا الله يرحمه!
رد و هو يتنفس بسرعة قائلا باقتضاب
عارف يافندم...و ان شاء الله آخرتهم هتكون على إيدي و حق أبويا هيرجع لو فيها مۏتي.
و احنا معاك و في ضهرك طبعا يا أدهم... والدك الله يرحمه كان قيمة كبيرة جدا في العمليات الخاصة... و احنا خسرنا كتييير جدا بعد ۏفاته.
قاطعه أدهم مصححا
استشهاده يافندم.
أومأ سامي و هو يقول بتأثر
نحسبه كذلك و لا نزكيه على الله.... نرجع لموضوعنا.. أنور باشا كان صديق والدك الأنتيم و انت عارف كدا و أفضاله على العمليات متقلش أبدا عن أفضال والدك رحمة الله عليه... عشان كدا واجب علينا نردله شوية من جمايله علينا و أقل حاجة اننا نحمي بنته من شړ الماڤيا دي.
رد أدهم بجدية
و أنا تحت أمرك يافندم و تقدر حضرتك تعتمد عليا... بس فهمني ايه المطلوب مني بالظبط.
ازدرد سامي لعابه بتوتر ثم ألقى بقذيفته
مفيش قدامنا حل غير إنك تتجوزها..
انفرج ثغر أدهم ليعترض إلا أنه استوقفه بإشارة من يديه أن انتظر و استرسل قائلا
عارف إن المهمة صعبة و تكاد تكون مستحيلة لأنك خاطب و بتحب خطيبتك.. بس صدقني كل الطرق مقفولة و دا الطريق الوحيد اللي فيه المخرج.. أنور مينفعش يرجع ببنته لانهم هيقتلوه قبل ما يوصل المطار...و ف نفس الوقت البنت لو رجعت لوحدها لازم تعيش تحت حماية حد يقدر يحميها بجد منهم.
هب أدهم من مقعده بانفعال صائحا
و هي الداخلية كلها بجلالة قدرها مفيش فيها ظابط يقدر يحميها غيري.
هب سامي بانفعال أشد مزمجرا به
متنساش نفسك يا حضرة الظابط و الزم حدودك و انت بتتكلم مع رئيسك..
أطرق أدهم رأسه بخذي قائلا
آسف يافندم مقصدش طبعا.
رمقه شرذا ثم أمره بحدة
اتفضل اقعد يا بيه.
انصاع لأمره ثم جلس على مضض فحاول اللواء أن يعيد ضبط انفعالاته مرة أخرى بعدما عاد لوضع الجلوس ثم قال بنبرة أقل حدة
أدهم العصابة عملالك ألف حساب عشان التار اللي بينك و بينهم.. و انت الوحيد اللي هيتجنبوك حتى لو كارت ندى بنت أنور باشا معاك انت.. ساعتها هيكون كارت محروق بالنسبالهم.
رد أدهم بملامح متجهمة
أنا عندي استعداد أستقبلها في بيتي و تعيش مع أمي و أختي الصغيرة و محدش هيقدر يدوسلها على طرف... بس من غير جواز.
رد عليه اللواء بعقلانية
ان كنت انت هتقبل بالوضع دا فهي لأ...البنت متدينة و عارفة إنها مينفعش تعيش مع ناس مفيش بينها و بينهم علاقة شرعية... دا غير ان دا برضو مش أمان
متابعة القراءة